دُنيا الله
![]() |
إن الحياة ليست ضرورة بل هي هبة، فاسعي لكي تستحقها، وعليك أن تعلم بأن ماهو متوقع من الحياة ليس مهماً، إن ما يعنينا هو ما الذى تتوقعه الحياة منا.
|
منذ نعومة أظافرنا ونحن نسمع كلاماً كثيراً عن زم الحياة،
وامتلأت عقولنا بوعظ كثير عن الزهد والافتقار وكره المال، مزخرفين كلامهم بما
تيسر من القرآن الكريم والحديث الشريف والأمثال. وبالوعود الكثيرة بأن الفقراء لهم
الجنة.
فهل خلقنا الله وأوجدنا في الحياة حقا لكي نزهدها؟
هل
خلقنا لكي نعتزل في الصوامع والأديرة؟
هل أوجدنا في هذا الجسد الذي أتاح لنا الحركة
لكي نشقيه؟!
سيقول البعض أن الله خلقنا فقط للعبادة وهذا صحيح، لكن
يظل مفهومهم للعبادة ضيق جدا. فهم يفهمون العبادة علي انها فقط مجموعة الطقوس والصلوات ولكنهم يجهلون معناها الأكثر شمولية.
إن العبادة هي كل عمل وكل تفكير، فالعمل عبادة ومعامله
الناس بالحسني عبادة. أليس الدين هو الذي يوضح لنا معاملتنا مع الناس ومع أنفسنا؟
فمن ذا الذي يقدر علي فصل العبادة والدين عن معاملاته
وأفكاره ؟
إن العبادة بمفهومها الشامل هي كل نشاط خير يقوم به
الإنسان من عمل وتفكير، والتعامل بالرحمة والحب.
ولذلك كان كره الحياة وزمها ناتج عن الفهم الخاطئ لها ولكلام الله، فلا يغرك أن هؤلاء الناس يستخدمون الآيات والأحاديث لإثبات صحة كلامهم، لأن فكل فئة تستعمل منه مايخدم مصالحها وميولها الشخصية.
فالواجب علينا إذا أن نحكم عقولنا ونتفكر.
ان الله خلقنا لكي نعمر الأرض وجعلنا خلفاء فيها لنعمل
ونبدع ونبتكر، وان الله كرمنا بأن اوجدنا في هذه الحياة
" فمن لا يُقدر الحياة لا يُقدر خالقها".
لم يخلقنا الله لكي نكره الحياة و لكن لكي نسعي لتعميرها
ونجعلها مكانا أفضل. ولكن لكي نحسن اختياراتنا ونرتقي بأنفسنا ونكابد ونعمل.
يقول الله تعالي "وما الحياة الدنيا إلي متاع الغرور". المقصود بالحياة الدنيا هي الحياة الواطئه أو السافلة, أي حياة الملذات والشهوات.
فلا يظن أحد أن القصد هنا هو إطلاق
العنان للشهوات والسعي إلا الإمتلاك .
مرة قرأت قصه عن ملك سمع يوماً برجل زاهد يسكن في بلدته ويتحدث الناس عن ورعه وزهده حتي أنه لا يملك غير ثوبه الذي يرتديه فأمر الملك
باحضار الرجل لقصره ليعرف ما الفرق بينه وبين هذا الرجل.
فاحضره إلي القصر وقدم له كل مالذ وطاب من الطعام والملابس
وتعجب لأن هذا الرجل لم يرفض كل هذا الترف.
في يوم قال له الملك : يتحدث الناس عن
زهدك وورعك والآن ما الفرق بيني وبينك؟
فأجابه
الرجل : الفرق بيني وبينك أنني استطيع أن اترك كل هذا واذهب اما انت فلا
تستطيع.
يمكنك
أن تسعي لإمتلاك أشياء تحبها لكن لاتجعل من الامتلاك غاية ولكنه يمكن ان يكون وسيلة
لتحقيق غاية أعظم.
يقول
الأمام علي:
ليس الزهد ألا تملك شئ ولكن الزهد ألا يملكك شئإن الحياة ليست ضرورة بل هي هبة، فاسعي لكي تستحقها، وعليك أن تعلم بأن ماهو متوقع من الحياة ليس مهماً، إن ما يعنينا هو ما الذى تتوقعه الحياة منا.
إن حياة الفكر والعمل والأبداع هي الحياة
التي تستحق ان تُعاش.

Comments: 0
Post a Comment